اختبار القدرات ..
هل يُمثِّل واقع ابنائنا
في إحدى الجامعات وأثناء إجراء المقابلة
الشخصية للطلاب المتخرجين من المرحلة الثانوية ، سألت اللجنة المكلفة بإجراء
المقابلات أحد الطلاب ، مَنْ تعرف من الأنبياء ؟ فأجاب وعلى ضوء معرفته وثقافته :
فرعون عليه السلام ، صُدِمت اللجنة بإجابة الطالب وازداد استغرابها عندما
علمت أن الطالب حاصل على نسبة 98% في الثانوية العامة ( قبل اختبار القدرات )
عندما نسمع أمثال هذه القصص – وهي كثيرة - تتكوّن لدينا قناعات كثيرة ، من بينها وأهمها :
فشل معيار درجات الثانوية العامة كأساس للتفاضل في القبول في الجامعات ، وأنه آن
الآوان للبحث عن بديل آخر ، ومن ثم جاءت
بعد ذلك فكرة : اختبار القدرات ..
ورغم إيماني الشديد بنجاح وجدوى هذا
المقياس ، المُطبّق في أفضل وأنجح الأنظمة التعليمية في العالم إلا أنه وللأسف
الشديد تحوّل إلى شبح مخيف للأسرة قبل
الطالب ، تتحطم عليه آمال وأحلام عشر سنين قضاها الطالب في التعليم عند أول اختبار
يقيس قدراته ، هذه السنوات لم تُسْعفه في فك طلاسم هذا الاختبار ، فلا يملك إلا
التذمُّر والتظلم من صعوبة هذا الاختبار ، ولا يعرف على من يلقي باللوم : على
قدراته وذكائه الذي سقط في أول اختبار له ، أم على تعليمه الذي لم يستفد منه شيء .
ولسنا بصدد توزيع الاتهامات ، وإلقاء اللوم
على جهة دونَ أخرى
ولكني أود أن أتحدث عن جانب أراه مهما
وجوهريا في هذا الموضوع
ألا وهو : أنّ الطالب يُمْتحن بطريقة
ويتعلّم بطريقة أخرى !
فكيف ذلك ؟
قبل أن يصل الطالب لأول اختبار قدرات في
حياته التعليمية ، يكون قد قضى عشر سنوات في المدرسة ( 6 ابتدائي + 3
متوسط + 1 ثانوي ) قد تعوّد فيها على أشياء في المدرسة أصبحت جزءا من حياته ، منهج
يفتقد لتنوع مهارات التفكير ، وطريقة
تدريس معينة تعتمد على طرف واحد ألا وهو المعلم ، واختبارات تقوم على التلقين والحفظ ، كل هذه
المحصلات تقوم وتعتمد على مهارات التفكير الدنيا ( الحفظ / الفهم البسيط ) ، وبعد
تقريبا ( 1700 يوم ) من هذا الرتم الممل ، ، نأتي لنقوّمه في اختبار يعتمد على
التحليل والتركيب والتقويم ( مهارات التفكير العليا ) ، وهنا تكمن المشكلة .
فهذا التفاوت فيما نعلّمه الطالب وبين ما
يقيسه اختبار القدرات ، جعل بعض الطلاب يقف ضعيفا أما هذا الاختبار، فنحن
لم نقدّم له الأدوات والمهارات التي تساعده
على تجاوز اختبار القدرات .
وهذا يُحتّم علينا مضاعفة الجهد في
الاهتمام بتنوع طرائق التدريس التي تهتم بمهارات التفكير ، والخروج من الروتين
القاتل من الأسئلة التقليدية التي تجعل الطالب نسخة أخرى من الكتاب ..
وتبقى الطموحات كبيرة , والآمال عريضة في
وزارتنا الموقرة ،في الأخذ بأيدي أبنائنا الطلاب لتجاوز هذا الكابوس الجاثم على
طموحات وأحلام أبنائنا ..
فهل من مُجيب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق